أجمعت نقابات التربية على أن الموسم الدراسي المقبل سيسجل عجزا كبيرا في الأساتذة المؤطرين، وسيدفع الوزارة إلى اللجوء إلى التعاقد مع أكثر من 25 ألف أستاذ جديد، في الوقت الذي اتهمت مديري التربية بـ “الفشل” في تحديد المناصب المطلوبة سنويا، خاصة مع التسجيل السنوي لرفض عدد مهم من الناجحين في المسابقة الالتحاق بمناصبهم.
فالمكلف بالتنظيم بالنقابة الوطنية للتربية “سنتيو”، قويدر يحياوي، ربط الشغور السنوي في المناصب بعدم وجود دراسة استشرافية بين مديرية الموارد البشرية ومديرية التخطيط ومديريات التربية، لأن مديري التربية، حسبه، لا يعطون الإحصائيات الدقيقة التي من شأنها تحديد العجز، وبموجبها تفتح مناصب مالية جديدة بمعرفة عدد المؤسسات التربوية التي تفتح في كل موسم دراسي والعدد الكافي لتغطية الحاجة بها، وكذا ارتفاع عدد التلاميذ المتمدرسين في كل سنة، ومراعاة عدد المحالين على التقاعد، وكذا الأساتذة المستفيدين من الترقية إلى مناصب إدارية.
فالإحصائيات التي تقدم سنويا مغلوطة، يضيف يحياوي، وهو ما يتسبب في كل سنة في دخول مدرسي غير مستقر، تلجأ فيه الوزارة إلى فتح المجال للتعاقد، بالإضافة إلى قانون الوظيف العمومي الذي يزيد من حدة الأزمة، فعدد كبير من الناجحين في مسابقة التوظيف لا يلتحقون بمناصبهم عند بداية كل دخول مدرسي، أغلبهم من الإناث اللائي يرفضن العمل في مناطق نائية، حيث يعطي لهم القانون شهرا كاملا للالتحاق بمناصبهم، قبل أن تلجأ الوزارة إلى تعويضهم بآخرين.
والسنة الماضية فتحت الوزارة مسابقة لتوظيف 29 ألف، ووجدت نفسها في بداية الموسم الدراسي تتعاقد مع 25 ألف أستاذ، يضيف يحياوي، وهذه السنة يتوقّعون عددا مماثلا أو أكثر من ذلك، وهو يؤكد على سوء التسيير المسجل عند مديري التربية ومسؤولي القطاع بصفة عامة، لأن العجز بمئات الأساتذة يمكن تبريره، إلا أنه عندما يصبح بالآلاف، فهذا ناتج عن تكليف أشخاص لا علاقة لهم بالقطاع.
وما يزيد الظاهرة تعقيدا؛ هو وجود جبهتين في التعاقد، الأولى التي صرح بخصوصها الوزير الأول عندما دخل المتعاقدون السنة الماضية في احتجاج، بأن الراسبين منهم في المسابقة ستجدد عقودهم، على أن يجد لهم حلا قبل 31 ديسمبر 2016، والفئة الثانية هم الناجحون في القوائم الاحتياطية التي يعطيها القانون الأولوية في التعاقد وفق تعليمة رسمية، وهي “قنبلة موقوتة” يمكن أن تفجر الدخول المدرسي، حسبه، كل هذا ينبغي للوزارة أن تعجل وتكثف من اتفاقياتها مع وزارة التعليم العالي حول رفع عدد المتخرجين في المدارس العليا.
أما رئيسة الفيدرالية الوطنية للتربية، مريم معروف، فقالت إن عددا واسعا من المؤسسات ستسجل عجزا واضحا، لأن هناك أقساما لا يزال عدد التلاميذ بها ما بين 49 و53 تلميذا، في غياب شبه تام لمن يؤطرهم. وأوضحت المتحدثة أن 28 ألف منصب جديد في الموسم المقبل للناجحين في مسابقة التوظيف غير كافي، كما أن هناك تلاميذ لم يدرسوا السنة الماضية في بعض المواد منذ بداية السنة، حتى انتهى الموسم الدراسي، وهناك مناطق اجتاز التلاميذ بها شهادة التعليم الأساسي بحذف مادة الفرنسية مثلا، كل هذا لم يدفع بالوزارة إلى التفكير في ضرورة إيجاد حل للعجز الذي يصنع الحدث سنويا.
فعوض أن تسعى إلى تغطية هذا العجز، تلجأ إلى الحل الأسهل، وهو حذف المادة ومن ثمة المساهمة في تنشئة جيل ضعيف في اللغات، وحسبها عدد المناصب المفتوحة هذه السنة لا يمكنه حل المشكلة بالمناطق النائية التي لا تزال تدرس بعدد محدود من الأساتذة، مع النقص الفادح في بعض المواد.
المصدر